هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى عائلي قائم في كل أقسامه على منهج اهل السنة والجماعة.
 
أحدث الصورالرئيسيةالتسجيلدخول

 

 الرسام الراحل عبداللطيف الصمودي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هناء
المديرة
المديرة
هناء


عدد المساهمات : 172
نقاط : 423
التقييم : 5
تاريخ التسجيل : 08/04/2009
العمر : 41

الرسام الراحل عبداللطيف الصمودي Empty
مُساهمةموضوع: الرسام الراحل عبداللطيف الصمودي   الرسام الراحل عبداللطيف الصمودي Emptyالسبت 02 مايو 2009, 5:06 am

الرسام الراحل عبداللطيف الصمودي شرقي اللون والنور

شاعر الكلمات واللون، متواضع لطيف صموت، شغوف بفنه وجذوره أقصى الشغف. عبداللطيف الصمودي الفنان التشكيلي السوري (1948- 2005) الذي رحل باكراً عن 57 عاماً، كان قد ابتكر اتجاهاً خاصاً به في التجريد- الشرقي الحديث.

عرف انطلاقته الفنية في دولة الامارات العربية منذ أوائل ثمانينات القرن الفائت، كمنظم للجمعيات والملتقيات الفنية، وكمنشط ثقافي لبينالي الشارقة في مختلف دوراته، واجداً في احتكاكه مع الفاعليات الغربية والعربية على السواء، مكانته المتميزة كفنان يتمتع بالبعد الوجداني ذي النزعة الصوفية. حائز جوائز عدة من بينالات عربية ودولية (أبرزها الشارقة والقاهرة وبنغلادش).

عرف الصمودي كيف يقطف حنينه إلى أمكنة طفولته في حماة – مسقط رأسه، ومشاهداته البريئة للتراث المعماري والزخرفي في احياء دمشق وأزقتها وما تركه الزمن من علامات ورموز على جدرانها القديمة. وقد استوحى هذه الجدران في استعادته لتراث الماضي، لا سيما الرقش في الفنون الاسلامية. لكنه لم يقتبس إلا من مفرداته وعناصره في نسج عالمه ولم يتوغل إلا في أسراره ولم يتعاطف إلا مع تأملاته للأشياء والكائنات وموجودات الطبيعة. وطالما عانق ببصره ضفاف نهر بردى واشجار غوطة دمشق وفروع نباتها. كل ذلك كوّن لديه مخزوناً بصرياً اشتغل عليه بحواسه وأدواته البسيطة، كي تعيش كائناته في ذاكرة اللوحة كما تعيش الاشياء الراكدة تحت سطح الجلد أو تحت سطح مياه النهر. ومن فعل الجريان والانبساط الافقي استمدت لوحات الصمودي قاماتها الكبيرة، كسجادات شرقية معلقة، حالمة تضج بالألوان الحارة والأضواء المشمسة.

كثيراً ما استخدم طريقة المشكاة في رؤية العوالم الداخلية، لتبدو أشكاله مبهمة مجردة من المعنى، في منقلب السعي إلى الروح. هكذا تحول لديه المخزون التخيّلي إلى مخزون بصري، يعج بالتفاصيل والأشكال النباتية والزخارف على سطح ذي بعد واحد، ما هو إلا ساحة غير محددة بالمنطق، لا يلبسها معنى ولا يحدها عمق ولا بعد ولا جاذبية، بل هو سطح مستقل أو كوكب صغير، يشخص احياناً كحديقة من عالم فردوسي، فيه امتلاء واشتهاء، فيه أشجار وفروع ومدرجات. هو غيض من فيض كما يحلو للصمودي أن يدعوه.

فالايهام الشعري طغى على اسلوب الصمودي، كي يميز نوع التجريد الذي أحب أن يزاوله، بعذوبة وجزالة فيهما الكثير من الاشراق. فتجريد الشكل لم يستبعد الأثر الانساني العميق، الذي يتبدى كعالم سيميولوجي شبه مقروء، مسكون بالخطوط العشوائية والأثلام والنباتات البرية وحوافي الجدران والشرفات في تجسيد حنانه للأمكنة. فثمة انواع من الفضاءات تعم اللوحة، في لبس بين فضاء الداخل والخارج، بين الفارغ والمملوء، أي بين الجزئيات والمساحة الكلية. وإن كان التناقض بيّناً في تلاعب الضوء ومساربه بين الليل والنهار، فإن الزغل البصري الذي تصل اليه اللوحة يكاد يكون المنتهى الذي ليس بعده إلا المطلق حيث لا بداية ولا نهاية.

فاللوحة لعبد اللطيف الصمودي، هي طريقة حياة، ملعب وجود، هي وطن بديل حين يضيق عليه المكان، أو المحترف الذي يملأه بالاستذكارات. والفنان تلقائي حاضر الذهن وطليق في آن، يعرف مبتغاه في لعبة الايهام والتشفيف والتمويه والتلصيق. تحضره الأفكار والصور، لكنه يعتني أكثر ما يعتني بالتفاصيل التي تتوالد بعضها من بعض، بغية تشكيل قماشة زخرفية تدنو من غرافيكية ألشنسكي في توقيع المفردات الخطية، بحرية أقرب إلى الحدس، كما تدنو من جمالية أعمال ماتيس بالإحساس والامتلاء. هذا الامتلاء الذي يدعوه الصمودي مقامات، لفرط التشابه بين الاضافات النغمية والاضافات اللونية.

هكذا بدت لوحاته سطوحاً من ارتعاشات لونية، رقصاً من ماء ونور. لطالما ردد: «النور سيدي واللون مملكتي». عبد اللطيف الصمودي الذي عاش كما يحلو له في مملكته، لم يمكث طويلاً ولكنه أفرغ كل ما لديه من حب وحنين وشعر ووجد، وقبل أن يخلد إلى الراحة الأبدية في خلوة الصمت، ترك انتاجاً يخلفه كي يصافح العيون.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://success0way.own0.com
 
الرسام الراحل عبداللطيف الصمودي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتديات العامة :: أخبار عامة ومحلية-
انتقل الى: